- هي قبل كل شيء مسالة ضمير. إذ يجب على كل مواطن أن يعلم انه عندما يكون مضطرا سواء تعلق الأمر بالميدان العسكري أو لا قدر الله بمواجهة كارثة طبيعية أن يعتبر نفسه مجندا من اجل مساعدة أخيه كي يتحقق التضامن والتعاون اللذان يعتبران من مميزات الإسلام و الأخلاق الإسلامية. جلالة الملك الحسن الثاني تغمده الله برحمته
يقوم مفهوم الحماية المدنية أو الوقاية المدنية بشكل عام على توفير الحماية لأفراد المجتمع وممتلكاتهم، أما طبيعة مهامها فتبقى في تغير مستمر حتى تتمكن من مواكبة التغيرات العصرية والتكنولوجية التي تشهدها المجتمعات، أما تنفيذ مهام الوقاية المدنية فتقع على عاتق وزارة الداخلية، ويحدد لها هيكلية خاصة وميزانية منفردة، كما أنّها تشتمل على منظومات إدارية وتقنية وعملية لضمان تطبيق مفاهيم الحماية المدنية وأساليبها بين كافة عناصر المجتمع
و
في 18 ديسمبر 1990 تم تحديد واعتماد فاتح مارس من كل سنة يوما عالميا للحماية
المدنية وذلك بناء على القرار رقم 08 للجمعية العامة التاسعة للمنظمة الدولية
للحماية المدنية، باعتبار أن دخول دستور المنظمة حيز التنفيذ في هذا اليوم من عام
1972.
أهمية الموضوع׃
تتجلى
أهمية الموضوع في تسليط الضوء على جهاز أمني مهم يقوم بأدوار حيوية داخل المغرب وخارجه
ويضطلع بمهام عديدة منه اذات البعد الوقائي وأخر ىإنساني.
من خلال عنوان "جهاز الوقاية المدنية"، نخلُص إلى الإشكالية التالية׃ما هو دور الوقاية المدنية في الحفاظ على أرواح
وممتلكات المواطنين؟ ولدراسة هذه الإشكالية لا بد من الإجابة عن التساؤلات التالية׃
ما هو جهاز الوقاية المدنية؟
وما
هي مكوناته واختصاصاته؟
أين
تتجلى مساهمة المديرية العامة للوقاية المدنية في حماية الأشخاص و ممتلكاتهم؟
ولدراسة
الإشكالية اعتمدنا على تقديم لمحة تاريخية على هذه المديرية العامة وتطورها عبر الأزمنة،
كما اعتمدنا كذلك على المنهج الواقعي لمعرفة مكوناتها ومهامها وعلاقتها بالأجهزة الأخرى.
تعريف
الوقاية
المدنية والحماية المدنية:هي مرفق عمومي مهامه حماية الأشخاص والممتلكات وطبيعة
مهامها تتطور باستمرار لمسايرة التطورات العصرية والتقنية وهي مرفق موضوع تحت
وصاية وزارة الداخلية تتمتع بهيكل خاص وميزانية مستقلة كما أنها تتمتع بتنظيم
إداري تقني وعملي ضمانا للتكفل بالمهام الإنسانية المنوطة بها.
نشأة الوقاية المدنية بالعالم
أول
مقياس للوقاية المدنية في العالم كانت في ظل الإمبراطورية الرومانية
بعد حريق روما الشهير ، ومن الحرائق التي تم تسجيلها في العالم ، حريق لندن
سنة 1866 ، موسكو 1812 ، سان فرانسيسكو 1906، لقد كان نشوء الحربين العالميتين 01
و 02 ، سببها في التفكير في وضع خطة عملية لمواجهة النتائج الوخيمة التي انجرت عن
استعمال مختلف الأسلحة في الحرب ، ففي هذه الفترة وضعت أولى المقاييس الخاصة
بالدفاع المدني في حالة الحرب ، وامتد هذا التأسيس في حالة السلم.
إن
تاريخ إنشاء الوقاية المدنية يعود إلى سنة 1931، حيث قام الطبيب الفرنسي ( جورج
سان بول) بإنشاء جمعية مشارف جنيف واتخذ من باريس مقرا لها
ومن هذه الجمعية انبثقت المنظمة الدولية للحماية المدنية. وكان الطبيب جورج سان
بول من خلال الإشارة إلى مدينة جنيف مسقط رأس هنري دونان مؤسس حركة الصليب الأحمر
، يرمي إلى إيجاد مناطق محايدة أو مدن مفتوحة وآمنة، يمكن للمدنيين اللجوء إليها
في حالة الحروب والنزاعات .
وفي
سنة 1935 اصدر مجلس النواب الفرنسي وبوازع من الجمعية (جمعية مشارف جنيف) قرارا
يدعو فيه عصبة الأمم إلى دراسة السبل المؤيدة إلى إنشاء مواقع في كل دولة تكون
بمأمن عن الأعمال العسكرية زمن النزعات، وذلك استنادا على اتفاقيات تعتمدها عصبة
الأمم ولقد تدخلت الجمعية لدى الأطراف المتحاربة إبان الحرب الأهلية
الإسبانية وذلك سنة 1932 ، وكذلك عند نشوب النزاع الصيني الياباني في 1937.
وفي
سنة1949، أصدر المؤتمر الدبلوماسي انعقد في جنيف اتفاقية رابعة بعد الثلاث الأولى
الخاصة بحماية المدنيين زمن النزاعات المسلحة. وفي عام 1958 ، أصبحت المنظمة
الدولية للحماية المدنية منظمة غير حكومية أي انتقلت من جمعية إلى منظمة غير
حكومية وفي سنة 1966 تم اعتماد دستور للمنظمة أين أصبحت المنظمة الدولية للحماية
المدنية الغير حكومية كمنظمة بين الحكومات، ولقد صادق على هذا الدستور 18 دولة
عظوا وفي الفاتح من مارس سنة 1972 دخل دستور المنظمة حيز التنفيذ وبدأ سريان العمل
به من قبل الدول الأعضاء في المنظمة.
نشأة
الوقاية المدنية بالمغرب و مهامها.
نشأة
الوقاية المدنية بالمغرب
الوقاية
المدنية المغربية، بالفرنسية: (La Protection
Civile Marocaine) هي جهاز
مكلف بالإنقاذ بالدرجة الأولى، وهي تابعة لوزارة الداخلية
المغربية هو الجهاز الخاص برجال الإطفاء والدفاع المدني في المغرب، جهاز له مجموعة من الإجراءات والأعمال
اللازمة لحماية السكان والممتلكات العامة والخاصة من أخطار الحريق والكوارث والحروب والحوادث المختلفة وإغاثة المنكوبين وتأمين سلامة المواصلات والاتصالات وسير العمل في المرافق العامة وحماية مصادر الثروة الوطنية في زمن السلم وحالات الحرب والطوارئ.
إذن
كيف نشأ هذا الجهاز في الدولة المغربية؟ للإجابة على هذا السؤال لا بد من التطرق
للمراحل الثلاثة التالية من تاريخ المغرب:
- مرحلة قبل الحماية.
- مرحلة الحماية.
- مرحلة الاستقلال إلى يومنا هذا.
المرحلة الأولى: قبل الحماية.
في هذه المرحلة لم يكن جهاز الوقاية المدنية
بمفهومه المؤسساتي المنظم، كانت الساكنة بوسائلها المتاحة تتعاون من اجل مواجهة
الآفات و الكوارث. فضلا على أن هذا التضامن يميز الإنسان داخل المجتمع، فالمجتمع
المغربي استنبط مفهوم الوقاية من التعاليم الدينية السمحة أولا، ومن العيش
المتجانس بين قاطنيه و على المستوى المؤسساتي وكما جاء سالفا فان المغرب في هذه
المرحلة لم يكن له جهاز أو بنية لإخماد الحرائق. لكن كانوا حاملي الماء أو ما يسمى
"بالكرابة" يساعدون في إخماد الحرائق بمقابل إعفائهم من الضرائب، حيث
كانوا يفرغوا المياه المحملة في حاويات قرب المنازل المشتعلة.
و
في إطار سياسة التفادي و التدارك في بناء المدن القديمة كفاس كانت هناك خنادق من
اجل استنزاف مياه الأمطار من اجل تفادي الفيضانات.
المرحلة الثانية: الحماية.
للخوض
في تطور الوقاية المدنية خلال هذه المرحلة ينبغي إعطاء نبذة سريعة حول تركيب
الإداري في عهد الحماية،فإلى جانب السلطان . فرنسا أحدثت إدارة موازية كانت مسيرة
من طرف موظفون سامون ذات عدد محدود:
*
المقيم العام
*
نائب المقيم العام
*
الكاتب العام لإدارة الحماية
*
الباشاوات و رؤساء مصالح البلديات: مكلفون بحفظ النظام العام و تطبيق القوانين.
و
كذلك إلى تطوير الوقاية المدنية (اختصاصات الدولة) وتطوير مصالح الإغاثة و مكافحة
الحرائق (اختصاصات الجماعات).
1- تطور الوقاية المدنية (اختصاصات الدولة)
في
سنة 1929،انتقلت مصلحة الدفاع المدني، مكلفة بتفعيل و تنسيق عمليات الإغاثة في
حالة الكوارث و حماية الأشخاص من الغارات الجوية و تكونت لجنة للدفاع الوطني كانت
مهمتها تنظيم حماية السكان في وقت الأزمات.
في
سنة 1950 صدرت دورية مفادها إعادة هيكلة مصلحة الدفاع المدني إلى مفهوم الوقاية
المدنية وتوسيع مهام اللجنة المكونة في سنة 1929 من اجل تغطية المخاطر في السلم
كما في الحرب وكان من بين مهامها:
-
الحفاظ على سلامة المناطق تحت الحماية الفرنسية.
-
تشغيل الوسائل الضرورية للوقاية و الإنقاذ في مواجهة المخاطر في وقت السلم كما في
وقت الحرب.
إن
صدور ظهير 30 ابريل 1955 هو المكون الأول للنصوص الأساسية للوقاية المدنية
بالمغرب. ووضع إطار قانوني لتنظيم الوقاية المدنية.
2- تطور مصالح الإغاثة و مكافحة الحرائق: اختصاصات الجماعات
كان من شانها تدبير الأخطار المألوفة و
النوعية كما انه في بداية الحماية كان إخماد الحرائق منوط بالمتطوعين (الموخازنية و
أعوان البلديات) هم كانوا النواة الأولى للرجال الإطفاء. عن طريق عقد لمدة سنة أو
خمس سنوات قابلة للتجديد.
أ
– سنة 1917:صدر ظهير بتاريخ ظهير 9 مارس 1917 ينص على ضرورة خلق و تقنين هيئة رجال
المطافئ من اجل مكافحة الحرائق، وكانت تحت سلطة الباشا فتكونت هيئة في مدينة الدار
البيضاء سنة 1917 والثانية في مدينة الرباط سنة 1921 ومن بعدها فاس. وذلك بعد
الحريق الذي دمر أسواق المدينة القديمة لفاس سنة 22 يونيو 1918.
ب–ظهير1945:أول
قانون أساسي لرجال المطافئ المهنيين و المتطوعين من اجل الإغاثة و مكافحة الحرائق،
كما أن هذا الظهير أعطى مهمة رجال المطافئ إلى المصالح البلدية.
المرحلة الثالثة: الاستقلال إلى يومنا هذا
بعد
نهاية الحماية بقيت مهام رجال المطافئ منوطة بالمصالح الجماعية من تسيير مالي و
بناء الوحدات وتزويدها بالوسائل البشرية و اللوجيستيكية الضرورية وذلك تطبيقا
لظهير 23 يونيو 1960 الخاص بالتنظيم الجماعي. ولكن أعطى مسؤولية تسيير الجهاز
"رجال المطافئ" إلى السلطات المحلية باعتبار أن حفظ السلام و الأمان
وحفظ النظام العام من اختصاص الدولة.
إذن
ظهير 1960 الخاص بالجماعات المحلية أعطى تسيير جهاز رجال المطافئ تسيير مشترك
مابين الجماعات المحلية و رجال السلطة المتمثلة في العامل، الباشا أو القائد. مما
سيؤدي بنا إلى الحديث عن نقطتين لتوضيح التنظيم المركزي للوقاية المدنية من
المصلحة العامة للوقاية و الإغاثة إلى مفتشية الوقاية المدنية.
1- المصلحة العامة للوقاية و الإغاثة.
بعد
الاستقلال مصالح الوقاية المدنية التي كانت تابعة للمقيم العام أصبحت تابعة إلى
وزير الداخلية.
وفي
سنة 1961 تم إدماج مصالح الوقاية المدنية الني هي من اختصاصات الدولة مع هيئة رجال
المطافئ. هذا الإدماج نتج عنه إحداث المصلحة العامة للوقاية و الإغاثة على مستوى
وزارة الداخلية.
هذا
الإدماج هو أمر طبيعي لان مهام رجال
المطافئ تكمل مهام مصلحة الوقاية المدنية، حيث أن رجال المطافئ المكون اللوجيستيكي للوقاية المدنية.
2- مفتشية الوقاية المدنية.
في
إطار إعادة هيكلة المصالح المركزية لوزارة الداخلية و بموجب المرسوم الصادر بتاريخ
26 يناير 1976 الخاص بمهام و تنظيم وزارة الداخلية، المصلحة العامة للوقاية و
الإغاثة تحولت إلى مفتشية الوقاية المدنية.
أصبحت
هذه المفتشية هي الساهرة على كل ما يتعلق بالوقاية المدنية كما جاء في ظهير 1955
وكذلك مكلفة بتنظيم مصالح الإطفاء.
نظرا
للمهام التي أسندت إلى رجال الوقاية المدنية و المتعلقة بالحفاظ على سلامة و انقاد
الساكنة و ممتلكاتهم، وكذلك المشاركة في حفظ النظام العام،ولانجاز هذه المهام على
أحسن وجه فان من الضروري التحلي بالشجاعة و الفعالية و الابتعاد عن التفكير النقابي.
في
سنة 1979 عين المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني و لأول مرة ضابط سام من القوات
المسلحة الملكية على رأس مفتشية الوقاية المدنية. هدا التعيين أعطى لهذه الهيئة
السلطة و المكانة الواجبتين. وأصبحت من الأجهزة الأمنية الشبه العسكرية.
في
سنة 1997، بموجب المرسوم رقم 297.176 الصادر في 15 دجنبر 1997 في شان اختصاصات
وتنظيم وزارة الداخلية تحولت مفتشية الوقاية المدنية إلى مديرية الوقاية المدنية،
حيث تم توسيع مهامها.
في
سنة 2009، وبناءا على قرار لوزير الداخلية الصادر في 17 يناير 2009 و كذالك بناءا
على المراسيم السابقة تحولت مديرية الوقاية المدنية إلى المديرية العامة للوقاية
المدنية.
في
سنة 2018، صدر ظهير شريف بمثابة النظام الأساسي للوقاية المدنية و الأطباء و
العاملين بالمديرية العامة للوقاية المدنية والمصالح التابعة لها. حيث جل الموظفون
اصحبوا خاضعين للقانون العسكري.
بما
أن تامين الحماية و المساعدة للسكان في مواجهة الكوارث الطبيعية و المخاطر
الصناعية و التكنولوجية و البيئية والنووية.....مهمة تقع على عاتق الدولة المتمثلة
في مرافقها العمومية، فالوقاية المدنية تعمل من اجل حماية الأرواح والممتلكات و
البيئة و تهدف إلى توعية الأفراد بمهام الأجهزة الوطنية للحماية المدنية.
1- مهام الوقاية المدنية.
إن من بين أهم أهداف الوقاية المدنية׃
-
الوقاية من الأخطار الصناعية و التكنولوجيا وأخطار البنايات.
-
مكافحة حرائق الغابات و المحاصيل الزراعية.
-
حماية الشواطئ و مناطق الاستحمام.
-
الأمن الحضري من مختلف الحوادث
-
الحوادث المنزلية بجميع أنواعها.
-
حوادث الطرقات و السكك الحديدية.
-
الإعلام و التحسيس بمختلف أنواع الحوادث.
-
إعداد الدراسات و الأبحاث حول الكوارث وتوثيق المعلومات وتحديد سبل الوقاية منها
واليات العمل لمواجهتها.
-
التعاون مع المؤسسات المختصة في تطوير منظومة لتنبئ ووسائل إنذار السكان.
-
الإسهام في إعداد و تطبيق النصوص التشريعية و التنظيمية في مجال تدبير الأخطار.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire